في سياق حراك سياسي يشهده الشارع المغربي تجدد المطالبة بنص دستوري باعتماد الأمازيغية لغة رسمية في المغرب
الجمعة 18 جمادى الأولى 1432هـ - 22 أبريل 2011م
الرباط ـ عادل الزبيري
عاد إلى واجهة النقاش في المغرب حديث يرى المراقبون أنه "قديم تجدد" حول النص في الدستور على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية، وهو ما لا ينص عليه القانون الحالي المعمول به في البلاد، فالتقديرات تشير إلى أن نصف المغاربة يتحدثونها، وهي جزء من الهوية والثقافة المغربية منذ قرون خلت.
فالحراك الذي يعيش المغرب على إيقاعه منذ مسيرات العشرين من فبراير/ شباط المنصرم أعاد النقاش بحدة حول اعتماد الأمازيغية لغة رسمية للبلاد، خاصة وأن شباب حركة العشرين من فبراير رفعوا هذا المطلب ويستعملون الأمازيغية في كتابة شعاراتهم سواء في المسيرات السلمية أو الحراك الافتراضي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
ويضاف هذا الحراك الجديد في الدفاع عن الأمازيغية لما سبق أن سجلته ما تسمى في المغرب بالحركة الثقافية الأمازيغية، التي راكمت نضالات وتحركات داخل وخارج البلاد في اتجاه مطلب الاعتراف الرسمي بالهوية الأمازيغية للمغرب، خاصة خلال حكم العاهل الراحل الحسن الثاني، وهو ما لم يكتب له النجاح، خاصة مع استناد المدافعين عن هذا الطرح بكون ثلثي المغاربة هم أمازيغ.
إلا أن وصول الملك محمد السادس للحكم في صيف العام 1999، وحصول انفراج كبير في الحريات العامة في المغرب، حمل للأمازيغية مكاسب غير مسبوقة، عكسها على وجه التحديد ما يعتبره النشطاء الأمازيغ بخطاب تأسيسي لتعامل رسمي جديد مع الشأن الأمازيغي، وهو خطاب الملك محمد السادس في 17-10-2001 في منطقة أمازيغية تسمى أجدير في منطقة لأطلس المتوسط في وسط المغرب، بالإعلان لأول مرة في تاريخ المغرب السياسي، عن الإقرار بالأمازيغية جزءاً من الهوية المغربية وتراث ثقافي زاخر، وبأن النهوض بها واجب وطني.
لغة متداولة وفي تصريح لـ"العربية.نت"، يرى المحجوب بن سيعلي، رئيس تحرير موقع "أصداء الريف" الإخباري، أن مطلب جعل اللغة الأمازيغية في الدستور الجديد لغة رسمية هو مشروع لأن المكون الأمازيغي في المغرب يشكل نسبة كبيرة من البنية السكانية، وبالتالي فإن السياق الحالي الذي يعيش فيه المغرب، يدعو من خلال فتح ورش مراجعة الدستور، لإعطاء الأمازيغية مكانتها ثقافة، والاعتراف بها لغة رسمية، إلى جانب اللغة العربية، والأكيد على أن التنصيص على دسترة الأمازيغية ستكون قيمة إضافية في التجربة المغربية للسير صوب الديمقراطية المأمولة.
ويضيف الصحافي المغربي المتابع عن قرب لنشاط ما تسمى في المغرب بالحركة الثقافية الأمازيغية، بأن تواجد اللغة الأمازيغية في العمل الإداري اليومي في المرحلة المقبلة، سيمكن من خلق مصالحة وديمقراطية أكثر في الولوج للخدمات الإدارية اليومية من قبل المواطنين المغاربة الأمازيغ غير الناطقين بالعربية، مشدداً على اللغة الأمازيغية هي اليوم لغة وطنية بفعل الواقع والتداول اليومي، ومذكراً في طيات حديثه بإيجابية إحداث الدولة المغربية من داخل القطب الإعلامي العمومي لقناة أمازيغية، ومن قبلها إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كمركز للدراسات متخصص في الشأن الأمازيغي لغة وثقافة وموسيقى ونمط حياة، وبالتالي يخلص المحجوب بن سيعلي في حديثه إلى أن مطلب اعتبار الأمازيغية لغة وطنية هو متجاوز، لأنها لغة وطنية بفعل الواقع، وبالتالي المرحلة المقبلة يجب أن تعلن أن الأمازيغية لغة رسمية للمغرب، إلى جانب اللغة العربية، ماسيمسح باستعمالها بموجب فرض القانون في
الإدارات العمومية.
المطالبة بنص دستوري هذا ويذهب حزب الحركة الشعبية المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، والمحسوب على اليمين السياسيفي
مذكرته التي عرضها أمام أنظار أعضاء لجنة مراجعة الدستور إلى ضرورة التنصيص في تصدير الدستور المغربي المقبل على الطابع التعددي للهوية المغربية مع إبراز مكونها الأمازيغي، بالإضافة إلى تخصيص فصل خاص باللغات الرسمية، يتم بموجبه التأكيد على اعتبار اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، على أن يتولى قانون تنظيمي تقنين مجالات الاستعمال الرسمي لكلتا اللغتين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالارتقاء بهما على مستوى الاستعمال والتداول. فالحركة الشعبية كحزب سياسي يؤكد على تفرده كما يقول في كامل المشهد السياسي المغربي بالدفاع بشراسة عن الهوية الأمازيغية للبلاد وعن اللغة الأمازيغية.
وفي مقابلة مع "العربية.نت"، يرى رشيد البلغيتي، الناشط في حركة العشرين من فبراير، والمتحدث باللغة الأمازيغية، أنه كما موق
الحركة الذي سبق أن عبرت عنه، مع مسألة دسترة اللغة الأمازيغية لغة رسمية في المغرب لأن ذلك سيعطيها حماية قانونية من داخل أهم وثيقة قانونية، وسيجعلها قابلة للتطور، وفي مأمن مما سمّاه بالمزاج السياسي، ومشيراً إلى أن المسألة مهمة لمستقبل المغرب ليدخل في حالة من الانسجام على مستوى الهوية المغربية، عبر إعادة الاعتبار لمكون الأمازيغية المغربي جغرافياً وتاريخياً، مستدلاً على أن العاصمة بروكسيل فيها متحدثون باللغة الفرنسية وباللغة الهولندية ليتساءل ما الذي وقع لها وهي تعترف بتعددها اللغوي، منتقداً بشدة التقسيم الجهوي في المغرب المرتقب تطبيقه بسبب غياب احترام الوحدة الثقافية واللغوية على مستوى جهات في المغرب.
فبحسب رشيد البلغيتي، فإن حركة شباب العشرين من فبراير قادرة على الضغط في اتجاه دسترة اللغة الأمازيغية لغة رسمية، وهي بحراكها من خلال مسيرات كل من 20 فبراير ومارس الماضيين، دفعت الأحزاب السياسية المغربية إلى الخروج من خوفها، والحديث بشكل مباشر، بعيداً عن حالة اللبس عن ضرورة جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية، ومن بين هذه الأحزاب التي دافعت عن الأمازيغية يذكر حزب التقدم والاشتراكية اليساري المتواجد في الحكومة المغربية الحالية.
فرشيد البلغيتي يذكر بأنه ينتمي إلى مدينة طاطا في الجنوب الشرقي المغربي، منطقة صحراوية فيها أمازيغ يسكنون الواحات وجاورهم العرب الذين كانوا رحلاً في التاريخ المغربي ليستقروا في الواحات إلى جوار الأمازيغ، داعياً في نفس الآن كل المغاربة إلى تعلم الأمازيغية للاطلاع على ثقافة الأمازيغ والشرب من معينها لأنها نصف ثقافة المغرب، فداخل الحركة 20 فبراير تمت مناقشة الأمر وكل لافتات الحركة تطالب بدسترة اللغة الأمازيغية في اللافتات الكبيرة، فالحركة تكتب المطالبات السلمية والدعوات للمسيرات باللغتين العربية والأمازيغية.
ففي ظل غياب إحصاءات رسمية مغربية دقيقة، حول عدد المتحدثين باللغة الأمازيغية في المغرب، تفيد إحصاءات تقريبية حصلت عليها "العربية.نت" وتعود للعام 2004، بأن قرابة 8 ملايين ونصف المليون من مجموع 32 مليون مغربي، يتحدثون الأمازيغية لغة في الحياة اليومية.
وفي المغرب أقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حرف تيفناغ في سياق ما سمّاها باللغة الأمازيغية المعيارية التي يتم تدريسها حالياً في مجموعة من الأقسام في مدن وقرى البلاد، ويتحدث المغاربة 3 لهجات أمازيغية وهي الريفية في الشمال، والسوسية في الجنوب والشلحة في وسط البلاد وهما 3 ألسن للأمازيغية متقاربة وتخضع للخصوصية الثقافية المحلية للسكان.
Source:www.alarabiya.net
No comments:
Post a Comment