12قرنا محطة جديدة للاحتفاء بالابرتايد العروبي على ارض تامزغا
حمو أمازيغ حسناوي:
الكل يعرف أن التاريخ لا تصنعه العجائز بالأساطير مهما غرفت من الواقع من معاني,ولا يصنعه المقعدون مهما بلغت بهم المشاعر و الأماني، ولا يحيك خيوطه المنافقون مهما بلغوا في صنيع التدليس من تفاني.
اتنا عشر قرنا اذن، هو تاريخ اختارته الأقلية المورسكية شعارا لاطلاق حملة شرسة جديدة، ضد كل ماهو حقيقي وأصيل بهذا الوطن الحبيب، تمهيدا لأسطرة (من الأسطورة) الماضي، بتعظيم قدوم العرب وحضارة الجمال و الخيام، هروبا من نار الانتقام، للعيش في قصور مدينة فاس التي بناها أجدادنا، ربما قبل ظهور العرب على صفحات التاريخ.
ان المتأمل لهذا الشعار سيدرك أنه من العار القبول بمثل هذا التزييف الخطير، لتاريخ شعب ترتوي جذوره من أعماق الماضي، وهو الذي احتك بحضارات كانت وقتها سيدة الأرض، فأثر فيها وتأثر بها، وفرض نفسه فاعلا وصانعا للتاريخ، وما يعكس ذلك هو الكتابات الأجنبية (العدوة) التي لم تجد مفرا من تدوين ملاحمه عبر الزمن، وهو ما نجده في كتابات هيرودوت مثلا، والنقوش الفرعونية القديمة، وكتابات ابن خلدون رغم علمنا المسبق بأصله الأمازيغي.
عكس العرب الذين لم تتحدث عنهم سوى الكتابات الأسطورية للبلاطات الدمشقية/البغدادية، والتي حملتها رياح القومية إلى مطابع بيروت والقاهرة، بعد أن حملت في طياتها انجازات الشعوب الأخرى ونسبت اليها أبناء غير أبنائها، مثل سلمان الفارسي وطارق الأمازيغي...
ولا يمكننا أن نقيس بحث العرب عن أمجاد لهم في حضارات وانجازات الآخرين إلا على ذلك الضبع المسكين الذي لا يشقي نفسه إلا للبحث عن بقايا الجيف التي خلفها أسياده من حيوانات الغاب. فتراه يقلب عليها التراب ولا يلتهمها إلا والرائحة الكريهة تفوح منها. إلا أن دفن الجثة يبقى فطرة لدى كل المخلوقات، عدا العرب فقد آمنوا بدفن الأحياء بوأد الفتاة لما تحمله من عيب وعار في ثقافتهم الرجعية، وهاهم اليوم يحاولون دفن تاريخنا متناسين أن التاريخ كتب له الخلود وكتبه لمن تحرسه صفحاته.
فطمس كل هذه الحقائق بمثل هذه الأكاذيب، إن دل على شيء فإنما يدل على الرغبة غير الخفية لأعداء الأمازيغ و الأمازيغية بالقضاء على الجسور و المحطات التاريخية، التي تربط الشعب المغربي بأرضه والشهداء من أجداده، وتعويضها بأسطورة عربية مشرقية تحاول ثلة من أزلام القومية العربية طباعتها في نسخة جديدة تجمع كل أشكال الاستفزاز والتحقير والتسديج (من السذاجة) لعموم الشعب المغربي. متناسية أن إنتاجها الجديد سيثير هذه المرة كل أنواع القرف و الاشمئزاز، وسيجدد الثقة بالنفس للمطالبة برفع حيف التعريب عن هذا البلد الذي ظل على مدى العصور معتزا بأصالته وهويته المتجذرة.
فكل هذه البهرجة المفتعلة احتفاء بسلب تاريخ مدينة ووطن، ليست إلا حلقة جديدة من سلسلة التقييد التي كبلت بها الأيادي الأمازيغية، ولبنة أخرى من لبنات جدار الأبارتايد العنصري الذي تسهر الدولة المغربية على تشييده بخروقاتها المتواصلة في ملف حقوق الانسان، بداية بحرمان المواطن الأمازيغي من الاسم وحقوقه اللغوية و الثقافية، مرورا بتهجيره وسلب أراضيه في سوس وصولا إلى تزوير تاريخه العريق.
فهل نرجو من عقل المثقف العربي أن يؤمن يوما بالديموقراطية ؟ وهو الذي لم يتحضر يوما فقد شاهد العالم أن أقصى ما يمكن أن يقدمه هذا العقل هو الرشق بالأحذية في مكان تنعدم فيه الحجارة. تصرف شدني إلى الماضي لأتذكر كيف كانت جدتي تقذفني بنعليها كلما فكرت وهممت بالابتعاد عنها وعن دائرة حضانتها. لأعلم اليوم أن سلاح النعل ليس سوى وسيلة للردع لدى جداتنا الأمازيغيات، وأن العروبيين الآن ومن شدة يأسهم وعجزهم عن إثبات ذواتهم أصبحوا يستعينون بأساليب العجائز بدءا برشق بالأحذية في المشرق,وانتهاء بالتخريف و الأسطرة في المغرب
No comments:
Post a Comment